«ذا بانكر»: الاقتصاد الكويتي يشهد إشارات إيجابية

علاء مجيد

قالت مجلة «ذا بانكر» أن الحكومة الكويتية تعمل على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الهيكلية العاجلة لمعالجة التحديات الاقتصادية المزمنة، وعلى رأسها الوضع المالي للكويت، الذي يعاني من عجز مستمر منذ عام 2016/2015، باستثناء عام 2023/2022 الذي شهدت فيه البلاد تحقيق فوائض مالية، حيث ارتفعت أسعار النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأشارت «ذا بانكر» في تقرير لها إلى إلى أن الاقتصاد الكويتي شهد إشارات إيجابية مع قفزة في العقود الإنشائية الجديدة التي تم ترسيتها بقيمة 2.7 مليار دينار في 2024، والتي تعد الأعلى منذ 2017، وأن هناك تفاؤلا متزايدا بشأن قدرة الكويت على زيادة الإيرادات غير النفطية على المدى المتوسط.

ويقول كبير مسؤولي الشؤون الاقتصادية وخبير السياسة المالية والدين في «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» (الإسكوا) نيرانجان سارانجي إن الكويت تعاني من وضع مالي غير مستدام، إذا استمرت في الاعتماد بشكل مفرط على عائدات النفط مع الحفاظ على مستويات إنفاق عام مرتفعة، فإنها ستواجه أزمة حتمية إذا انخفضت إيرادات النفط، فلن تكون الإيرادات غير النفطية كافية لتغطية النفقات، مما يهدد بأزمة مالية.

وتكشف تحليلات «الإسكوا» عن حجم المشكلة بين عامي 2015 و2023، إذ بلغ العجز التراكمي الصافي في الميزانية 28 مليار دينار (ما يعادل 91 مليار دولار)، ومنذ عام 2017، لم يتم إقرار قانون الدين العام، مما منع الحكومة من إصدار السندات لتمويل العجز، وأجبرها على السحب من صندوق الاحتياطي العام.

وفي ميزانية 2024/2023، شكلت النفقات الجارية حوالي 92.6% من إجمالي الإنفاق، وفقا لبيانات «الإسكوا»، حيث تم تخصيص الجزء الأكبر من الأموال للرواتب والدعم، مما ترك هامشا ضئيلا للاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة. ويشير سارانجي إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الحكومة هو انخفاض الإيرادات غير النفطية بسبب ضعف الامتثال الضريبي والإعفاءات الممنوحة لبعض الشركات، مضيفا أن الإيرادات غير النفطية انخفضت من 14% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في 2013 إلى 8% في 2023، مبينا أن الإعفاءات والإجراءات الضريبية غير الفعالة تعرقل نمو الإيرادات.

وستودى قرارات «أوپيك+» إلى زيادة إنتاج النفط تدريجيا بدءا من أبريل 2025 وهو تحول عن سلسلة التخفيضات التي بدأت في أواخر 2022 لدعم الأسعار إلى تفاقم التحديات المالية التي تواجه الكويت، حيث زاد من العجز المتوقع في الميزانية العامة للسنة القادمة، ورغم أن زيادة إنتاج النفط ستدعم الاقتصاد، إلا أن توقعات انخفاض الأسعار ستؤثر سلبا على الميزانية العامة.

ويقول الخبير الاقتصادي في «أوكسفورد إيكونوميكس» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيانشين بينغ «في السيناريو الأساسي لدينا، التأثير السلبي لانخفاض أسعار النفط يفوق التأثير الإيجابي لزيادة الإنتاج، ومن المتوقع أن يؤدي قانون الدين العام الجديد إلى تحرير مليارات الدولارات لدعم جهود تنويع الاقتصاد».

وزاد «بعد إعلان «أوپيك+»، نتوقع أن يتسع العجز المالي في الميزانية إلى 13.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتوقعاتنا السابقة عند 12.7%».

وأشار تقرير «ذا بانكر» إلى أن هناك تفاؤلا متزايدا بشأن قدرة الكويت على زيادة الإيرادات غير النفطية على المدى المتوسط، ومن بين الإصلاحات التي يجري العمل عليها، إدخال قانون الدين العام الذي طال انتظاره، حيث قالت وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام في فبراير الماضي إن القانون بات في «مراحله النهائية»، وسيمكن الحكومة من إصدار السندات السيادية لأول مرة منذ عام 2017. وفي خطوة أخرى لزيادة الإيرادات غير النفطية، فرضت الكويت في يناير 2024 ضريبة على الشركات المتعددة الجنسيات بنسبة 15%، وتتوقع أن يدر هذا القانون نحو 250 مليون دينار سنويا.

في هذا الصدد، يقول سارانجي «هذه خطوة إيجابية، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل لتحسين النظام الضريبي».

كما تستعد البلاد أيضا لتطبيق ضريبة انتقائية لأول مرة، حيث تشير توقعات «فيتش» إلى أن تنفيذها سيتم خلال السنة المالية 2026/2025، مما يجعل تتماشى مع بقية دول الخليج، التي وقعت اتفاقية مشتركة بهذا الشأن في 2016.

«ذا بانكر»: الاقتصاد الكويتي يشهد إشارات إيجابية

المصدر

Exit mobile version