أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية لتبلغ 125% ردا على بكين، وأعادها إلى نسبة 10% بالنسبة إلى بقية دول العالم.
وكتب ترامب، على منصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشال) «بسبب عدم احترام الصين للأسواق العالمية، أرفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% بأثر فوري»، مضيفا أنه «سمح بوقف تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة لمدة 90 يوما وخفضها خلال تلك الفترة الى 10% بأثر فوري» بالنسبة للدول الأخرى، «نظرا لرغبة أكثر من 75 دولة في التفاوض».
هذا وتعمقت خسائر بعض الأسواق العالمية خلال تعاملات أمس، بالتزامن مع دخول الحزمة الجديدة من الرسوم الأميركية حيز التنفيذ أمس، والتي تؤثر على 60 شريكا تجاريا لأميركا، وتتراوح بين 11% و50%، باستثناء الصين التي أصبحت منتجاتها تخضع الآن لضريبة نسبتها 104%، بالإضافة إلى رفع الصين رسومها الجمركية على الواردات الأميركية لأكثر من 80%، حيث أعلن مكتب لجنة الرسوم الجمركية بمجلس الدولة الصيني أن الرسوم الجمركية على السلع الأميركية سترتفع من 34% إلى 84% اعتبارا اليوم (الخميس).
كما وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية انتقامية تتراوح بين 10% و25% على الواردات الأميركية ستطبق الأسبوع المقبل في 15 الجاري، حيث تتجاوز قيمة السلع الأميركية المفوضة عليها الرسوم نحو 23.2 مليار دولار.
وأغلق مؤشر «نيكاي 225» الياباني منخفضا 3.9%، مسجلا 31.714.03 نقطة، وكانت تايوان الأكثر تضررا، حيث تراجع مؤشرها الرئيسي «تايكس» 5.8%، وتكبدت الشركات التكنولوجية الكبرى خسائر فادحة، أبرزها «تي إس إم سي» التي تراجعت 3.8%، و«هون هاي بريسيجن» التي هوت أسهمها 10%، وهو الحد الأقصى المسموح به يوميا بالسوق.
في المقابل، شهدت أسواق أوروبا تراجعا حادا، حيث فقد مؤشر «داكس» الألماني 2.1%، ليصل إلى 19.857.36 نقطة، وتراجع مؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة مماثلة إلى 6.949.92 نقطة، بينما هبط مؤشر «فوتسي 100» البريطاني بنسبة 2% إلى 7.753.42 نقطة.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت على أهمية توصل الصين إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن ترامب سيكون كريما للغاية في حال قامت بكين بالتواصل معه في هذا الشأن.
واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين بالتلاعب بعملتها لتعويض أثر الرسوم الجمركية الأميركية، حيث قال خلال فعالية بالكونغرس: «يجب عليهم الاعتراف.. إنهم يتلاعبون بعملتهم اليوم لتعويض أثر الرسوم الجمركية».
وقال ترامب إنه أبلغ شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية TSMC أنها ستدفع ضريبة تصل إلى 100%، إذا لم تنشئ مصانعها في الولايات المتحدة، وكانت الشركة قد تعهدت في وقت سابق ببناء مصانع جديدة لها داخل البلاد.
وفي خطوة تصعيدية جديدة ضمن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، قرر ترامب رفع الرسوم الجمركية على الطرود الصغيرة التي كانت حتى الآن معفاة من الضرائب. وبحسب التعديل، ستفرض الولايات المتحدة ضريبة على الواردات التي لا تتجاوز 800 دولار بنسبة 90% من قيمتها، ارتفاعا من الخطة السابقة التي كانت تقضي بفرض ضريبة بنسبة 30%. وكان من المقرر أن تنتهي الإعفاءات الضريبية على السلع منخفضة القيمة في الثاني من مايو، غير أن الزيادة الأخيرة جاءت ردا على الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها بكين بعد جولة سابقة من الرسوم فرضها ترامب. كما سترفع واشنطن الرسوم المفروضة على كل طرد بريدي يدخل البلاد بين 2 مايو و1 يونيو إلى 75 دولارا، مقارنة بـ 25 دولارا كانت مقررة سابقا، أما الطرود التي تدخل بعد الأول من يونيو، فستفرض عليها رسوم بقيمة 150 دولارا لكل طرد، بدلا من 50 دولارا بحسب القرار السابق.
من جهته، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن الولايات المتحدة تتمتع بأفضلية واضحة على الصين في سياق التصعيد المتسارع للحرب التجارية بين البلدين، مشيرا إلى أن بكين ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا بتصعيدها الأخير، موضحا أن الولايات المتحدة لا تصدر إلى الصين سوى خمس ما تستورده منها. وأوضح بيسنت أن فرض حواجز جمركية هدفه الأساسي هو إعادة توطين الوظائف والصناعات داخل الاقتصاد الأميركي. وعلى المدى القصير، ستسهم هذه الرسوم في تعزيز الإيرادات الحكومية، مضيفا أنه في حال نجحت هذه السياسة، فإن الرسوم الجمركية ستتراجع تدريجيا مع ازدياد حجم الإنتاج المحلي وتوسع القاعدة الصناعية.
من جانبه، أرسل بنك الشعب الصيني هذا الأسبوع إرشادات النافذة، وهي أسلوبه غير الرسمي لإدارة السياسة في الأسواق، إلى البنوك الحكومية، طالبا منها حجب مشتريات الدولار الأميركي عن حساباتها الخاصة، كما طلب منها أيضا تشديد إجراءات التدقيق عند تنفيذ أوامر شراء الدولار لعملائها، في خطوة تفسرها الأسواق على أنها وسيلة من البنك المركزي للحد من المضاربة.
إلى ذلك، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعرب عن أمله في أن يتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرار زيادة الرسوم الجمركية على الواردات، خصوصا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدا على أن فرنسا وأوروبا «لم تسعيا أبدا للفوضى»، لافتا إلى ضرورة استعداد بلاده للرد على الرسوم الجمركية، وذلك إذا لزم الأمر.