الأسواق تنتعش بدعم المرونة الأميركية حول الرسوم الجمركية

 سجلت الأسهم العالمية والعقود الآجلة الأميركية ارتفاعات ملحوظة خلال تعاملات أمس، مدفوعة بمكاسب قوية في طوكيو، حيث قفز مؤشر «نيكاي 225» بأكثر من 6%، مع عودة نسبية للهدوء إلى الأسواق بعد الصدمات التي خلفها تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ملف الرسوم الجمركية. وجاء هذا الانتعاش النسبي بعد يوم عصيب في «وول ستريت»، حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية إثر تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية تصل إلى 50% على الواردات الصينية، إذا لم تقم بكين بإلغاء رسومها المضادة على الصادرات الأميركية بنسبة 34%.

وفي أوروبا، ارتفع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9% ليبلغ 19.975.81 نقطة، في حين صعد مؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 1.3% إلى 7.018.79 نقطة، وحقق مؤشر «فوتسي 100» البريطاني مكاسب مماثلة بنسبة 1.3% ليصل إلى 7.804.73 نقطة.

وفي طوكيو، أغلق مؤشر «نيكاي 225» مرتفعا بنسبة بأكثر من 6% عند 33.012.58 نقطة، في حين استعادت بورصة هونغ كونغ جزءا من خسائرها الحادة، ورغم ارتفاع مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 1% ليصل إلى 20.036.03 نقطة، فإنه لا يزال بعيدا عن تعويض خسائر الاثنين التي بلغت 13.2%، وهو أسوأ أداء يومي له منذ الأزمة المالية الآسيوية عام 1997.

وفي الصين، صعد مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 1.4% ليصل إلى 3.140.15 نقطة، بعدما وجه صندوق الاستثمار الحكومي «سنترال هوجين» الشركات المملوكة للدولة بدعم السوق عبر شراء الأسهم، وفي كوريا الجنوبية، ارتفع مؤشر «كوسبي» بنسبة 0.3% إلى 2.334.23 نقطة، بينما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز – إيه إس إكس 200» الأسترالي 2.3%.

وبالمقابل، شهدت أسواق تايلند وإندونيسيا تراجعات حادة مع استئناف التداول بعد عطلات، ففي جاكرتا، علق التداول لفترة وجيزة بعد هبوط مؤشر «جيه إيه إكس» بأكثر من 9%، قبل أن يستقر على تراجع بنسبة 7.6%، كما خسر مؤشر «إس إي تي» التايلندي 4.2%، وانخفض مؤشر «تايكس» في تايوان بنسبة 4%.

أما في الولايات المتحدة فقد ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.5% في بداية تعاملات الثلاثاء، فيما صعد «داو جونز» الصناعي بنسبة 1.9%، فيما شهد «وول ستريت» خلال تعاملات أول من أمس، جلسة حافلة بالتقلبات، إذ انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2%.

بينما تراجع «داو جونز» بنسبة 0.9%، وصعد «ناسداك» بنسبة طفيفة بلغت 0.1%. هذا التذبذب عكس حالة من الحيرة والترقب بين المستثمرين، وسط شائعات كاذبة عن نية ترامب تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما، وقد تسببت هذه الشائعات في ارتفاع مؤقت بالمؤشرات قبل أن ينفيها البيت الأبيض سريعا، واصفا إياها بأنها «أخبار كاذبة».

وفي تصعيد متبادل، أعلنت وزارة التجارة الصينية أمس، أنها «ستقاتل حتى النهاية»، ملوحة بإجراءات مضادة لم تحدد بعد، ردا على تهديد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 50% على المنتجات الصينية، مما دفع أكبر اقتصادين في العالم إلى شفا حرب تجارية شاملة.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة: «إذا مضت الولايات المتحدة في تطبيق هذه الإجراءات الجمركية المتصاعدة، فستتخذ الصين إجراءات مضادة حازمة لحماية حقوقها ومصالحها». وأضاف: «إذا أصرت الولايات المتحدة على انتهاج طريقها الخاص، فستقاتل الصين حتى النهاية».

وكان ترامب قد قال أول من أمس إن بلاده تعتزم التحدث مع الصين ومجموعة كبيرة من الدول حول ملف الرسوم الجمركية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن مسألة تعليق تلك الرسوم «ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الراهن».

وأضاف «سوف نتحدث مع الصين ومجموعة واسعة من الدول بشأن الرسوم»، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار مراجعة العلاقات التجارية وتحقيق مصالح الاقتصاد الأميركي. وأوضح: «لدي علاقة رائعة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وآمل أن تظل كذلك»، لكنه أشار إلى أن الرسوم المفروضة على الصين «قد تكون دائمة»، مؤكدا في الوقت ذاته أن باب الحوار لايزال مفتوحا.

بدوره، أعلن وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أن ممثلي نحو 70 دولة اقترحوا على الولايات المتحدة بدء مفاوضات بشأن تخفيف الرسوم الجمركية، مشيرا إلى أن هذه المناقشات قد تستمر حتى يونيو المقبل، حيث ستكون أشهر أبريل ومايو، وربما يونيو، مزدحمة جدا. وأشار الوزير إلى أنه «نصح ممثلي الدول الأجنبية بالحفاظ على هدوئهم، وعدم تصعيد الوضع، والتوجه إلى إدارة واشنطن بمقترحات محددة حول كيفية التخطيط لخفض التعريفات الجمركية، وإزالة الحواجز غير الجمركية، ووقف التلاعب بالعملة والدعم، وفي هذه الحالة، سيكون ترامب مستعدا لبدء المفاوضات بمرحلة ما». وأضاف بيسنت: «لقد وصلنا إلى الحد الأقصى للرسوم الجمركية، وأتوقع أن تمكننا المفاوضات الناجحة من تحقيق خفض تدريجي لها. ومع ذلك سيعتمد الكثير على الدول الأخرى، حيث ينوي الرئيس ترامب المشاركة في هذه العملية، وهو، مثل الكثيرين منا، مقتنع بأن شروط (التجارة المتبادلة) كانت غير عادلة حتى الآن، لذلك من المتوقع أن تكون المفاوضات صعبة».

من جانبها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لايين خلال اتصال مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، إلى ضرورة تجنب التصعيد بشأن الرسوم الجمركية الأميركية ورد بكين عليها، بحسب ما أفاد التكتل القاري أمس.

واقترح الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأميركية، ردا على الرسوم التي قرر الرئيس ترامب فرضها على الصلب والألمنيوم، وتستهدف الدول الأعضاء بالاتحاد الموافقة على الخطة في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، لتدخل حيز التنفيذ في 15 الجاري، ولكن لن يتم تحصيل معظم الرسوم الجمركية حتى منتصف شهر مايو.

الذهب يرتفع مع تجدد الطلب على الملاذات الآمنة

انتعشت أسعار الذهب خلال تعاملات الأمس، وذلك من أدنى مستوى لها في 4 أسابيع تقريبا والذي بلغته في الجلسة السابقة، حيث عززت المخاوف المتزايدة بشأن الحرب التجارية العالمية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسين إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن.

وخلال جلسة التعاملات أمس، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.5% ليصل إلى 2996.6 دولارا للأوقية، وكانت السبائك قد سجلت أدنى مستوى لها منذ 13 مارس يوم الاثنين الماضي، كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأميركي 1.3% لتصل إلى 3010.70 دولارات.

ومن بين المعادن الأخرى، تراجعت الفضة بالمعاملات الفورية 0.1% إلى 30.09 دولارا للأوقية، وصعد البلاتين 1.3% إلى 925.35 دولارا، وخسر البلاديوم 0.3% إلى 915.8 دولارا.

النفط يتعافى جزئياً من خسائر الرسوم

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات الأمس، لتبدأ التعافي من موجة بيع كثيفة دفعتها في الجلسة السابقة إلى الاقتراب من أدنى مستوياتها في 4 سنوات، بفعل مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية إلى تراجع الطلب العالمي ودفع الاقتصاد نحو الركود، لكن محللين حذروا من أن مخاطر الهبوط لاتزال قائمة.

وخلال التعاملات أمس، زادت العقود الآجلة لخام برنت 0.24 دولارا، أو ما يعادل 0.37%، إلى 64.45 دولارا للبرميل، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.46 دولارا، أو 1.2%، لتصل إلى 60.98 دولارا.

ماسك يناشد ترامب إلغاء الرسوم الشاملة

كشفت صحيفة «ذي واشنطن بوست» أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك، وجه نداءات شخصية إلى الرئيس دونالد ترامب لإلغاء الرسوم الجمركية الشاملة، في موقف مختلف من الدائرة الضيقة حول الرئيس، وذهب ماسك إلى انتقاد واضعي هذه التعريفات، محذرا من ارتفاع التكاليف على المستهلكين والشركات. وأشارت الصحيفة إلى أن موقف ماسك أدى إلى تفاقم التوترات داخل دائرة ترامب، حتى في ظل مواجهة شركة تسلا لانخفاض الطلب وتراجع سعر سهمها وسط تداعيات سياسية متزايدة.

وقال ماسك، إنه يأمل في رؤية تجارة حرة كاملة بين الولايات المتحدة وأوروبا بالمستقبل، وذلك بعد أيام من إعلان ترامب فرض رسوم جمركية على شركاء بلاده التجاريين.

مخاوف التعريفات ترفع الطلب على «آيفون»

على الرغم من تراجع سهم شركة أبل بحدة في الأيام الماضية، إلا أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب انعكست بالإيجاب ولو مؤقتا على مبيعات هواتف الشركة، حيث شهدت فروع عدة للشركة إقبالا كبيرا من المستهلكين لشراء منتجات أبل بسبب مخاوف متعلقة بارتفاع أسعارها قريبا بسبب الرسوم الجمركية التي فرضت.

ويتم تصنيع معظم هواتف «آيفون»في الصين، لذلك من المتوقع أن تؤدي رسوم جمركية بنسبة 54% على الواردات الصينية إلى ارتفاع أسعار منتجات الشركة قريبا.

الأسواق تنتعش بدعم المرونة الأميركية حول الرسوم الجمركية

المصدر

Exit mobile version